إِسلامُنَا نُورٌ لمن يَهتَدِى .. إسلامُنَا نَارٌ على من يَعتَدِى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
إِسلامُنَا نُورٌ لمن يَهتَدِى .. إسلامُنَا نَارٌ على من يَعتَدِى

مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ


    الطريقة الثانية : إيجاد نماذج كاملة في الصلاح

    جندي الإسلام
    جندي الإسلام
    الداعى بأمر الله
    الداعى بأمر الله


    عدد المساهمات : 67
    تاريخ التسجيل : 11/02/2010
    العمر : 35

    الطريقة الثانية : إيجاد نماذج كاملة في الصلاح Empty الطريقة الثانية : إيجاد نماذج كاملة في الصلاح

    مُساهمة من طرف جندي الإسلام الإثنين مارس 08, 2010 12:17 am

    إن نفوس البشر تتباين ، وطباعهم لا تتفق ، فما كان شاقا عن قوم سهل على آخرين ، وما استصعبه ناس كان سهلا ذلولا عند جمع آخرين ، ومن الخلق ذوو أفئدة ناشزة وقلوب نافرة ، ومنهم من بلغ في اليقين والإيمان الرتبة العليا ، منهم البخيل الشحيح ، ومنهم الكريم الأريحي البذول ، منهم الجبان الرعديد ، ومنهم الهصور المقدام ، نفوس أبية وذوو خصال دنية ، منهم الشكور ومنهم الكفور ، عيون فاجرة ومقل من خشية الله دامعة ، قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ إن سعيكم لشتى ‏}‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ‏}‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ‏}‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ‏}‏ ثم قال ‏:‏ ‏{‏ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ‏}‏ وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ‏.‏ ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ‏}‏ ‏.‏

    ولكن الله تبارك وتعالى يسر للإنسان اختيار المعالي وخلع الدنايا ، فقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ وهديناه النجدين ‏}‏ ، وقـال تعـالى ‏:‏ ‏{‏ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ‏.‏ فسنيسره لليسرى ‏.‏ وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ‏}‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ‏}‏ ‏.‏

    وقال تبارك وتعالى ‏:‏ ‏{‏ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ‏}‏ ‏.‏ وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ‏}‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏ ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين ‏}‏ ‏.‏

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ اعملوا فكل ميسر لما خلق له ‏)‏ ‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ‏)‏ ‏.‏

    إن همة الإنسان هي التي تقوده إلى المعالي ، وخساسته ترديه في الدنايا ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ‏.‏ فمن ألزم نفسه لأواء السعي علا ، ومن ارتضى الرخاوة والدعة فلا ‏.‏

    ولولا تكاليف السيادة لم يخب جبان ولم يحو الفضيلة ثائر

    وأبواب الفضائل كثيرة جمة ، ومناحي السبق في الخير موفورة ، وإذا اختار المرء منها بابا ، وأتقن منها ميدانا فقد أقام للإسلام صرحا من القيم شاخصا ، وأبدى للناس نموذجا من المثل كاملا ‏.‏ فأقام الحجة لله على خلقه ، وأعلى للحق راية على مدى أفقه ، واستنار بنموذجيته أقوام ، واقتدى بِهُدَى دَرْبِه فئام ، وارْعَوَى بصرامة حقِّه طغام ‏.‏

    ومما ينبغي تقريره أن الكمال البشري لم يثبت إلا للمعصومين من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ومن عداهم فكل نقص وذنب وتقصير فهو جائز عليهم وثابت في حقهم على وجه اللزوم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ‏)‏ ‏.‏

    وعليه فلا مطمح لأحد في بلوغ رتب الأنبياء والمرسلين أصلا ، ولكن مراتب الطاعة المختلفة مأذون بتسنمها مسموح برقيها من كل البشر ‏.‏

    لا جرم تنافس على تلك المراتب المتنافسون ، وتسابق إليها الحريصون ، فذاك صوام وهذا قوام وآخر بذول ورابع من الذاكرين الله كثيرا وخامس ممن شمر الساعد في طلب العلم وبلغ رتب العلماء ، ‏(‏ ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ‏)‏ ‏.‏

    وعلى هذا التنظير فإن المتصور أن تتحقق في واقعنا نماذج السلف الصالح الراقية ، ويتجسم في نطاق حواسنا ما نقرأه في تراجم أئمتنا الأعلام ‏.‏

    ونفس هذا التنظير يتطابق مع منهج السلف في التزكية ، فسلفنا لم يطمحوا أن يكون كل المجتمع قواما لليل ، أو صواما للنهار لأن هذا لم يتحقق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أصلا ، فكيف نرجوه في أجيال لاحقة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏(‏ لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه ‏)‏ ‏.‏

    بل المتصور أن تتنوع نماذج الطاعة في المجتمع الواحد ، وتتوزع رتب الطاعة العليا بين الطاقات المختلفة ، فهناك من بلغ في الزهادة واطراح ملذات الدنيا مقام معروف الكرخي ، ومنهم من استوفى من التقوى نصيب أحمد بن حنبل ، ومنهم من نذر نفسه للجهاد فلا تراه إلا مخاطرا بنفسه في كل ميدان ، ومنهم من تفرغ لمقارعة المبتدعة والزنادقة أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومنهم من تصدر للوعظ والإفادة والنصح للأمة أمثال الحسن البصري ‏.‏

    وعلى هذا المنوال ينبغي أن ينظر المسلمون لمنهج الصلاح والإصلاح ‏:‏ أن يتوجه كل امرئ إلى ما تطيب نفسه به من رتب الطاعة فيرقى في درجاتها ، ويتسنم منها المقام الأسمى ، ويبلغ فيها الدرجة العليا ، فإن وجد زكاة قلبه في قيام الليل أدمنه ، وإن تلذذ بالصيام أدامه ، وإن أتقن العلم تخصص فيه وأفاد الناس ، وإن استحلى تلاوة القرآن جعله نَفَسَا يحيا به ، وإن كانت نفسه ذات سجايا صالحات كالكرم والحياء تمادى في الخلق ليكون مضرب المثل فيها ‏.‏

    وهكذا توجد في المجتمع أمثلة المعالي ، فإذا ما التفت طالب هدى ليقتدي بكريم في حسن الرفادة والقرى رأى نموذجا حاتميا ، وإذا بحث متنسك عن أسوته في الصيام والقيام وجد شبيه الفضيل ومثيل المحاسبي ‏.‏ والمطلوب أن يترفع كل ذي خصلة في درجاتها حتى يصير أحدوثة الدهر ، متسابقا متسارعا غيورا أن يسبقه إلى الله مشمِّر ، لا يقنع من نفسه بسير الهوينى حتى يعدو كالمُصَلِّي وينبذ الحَجْل المقيت ‏.‏

    إن الذي يعجز عن أن يقدم لدينه نشاطا دعويا ملموسا في معترك الصراع مع الباطل ، وفي لجة الحرب الضروس مع عروش الكفر وأصنام المذاهب الباطلة المعبودة من دون الله ، لن يعجز إن شاء الله أن يقدم لأمته نموذجا يقتدى به فيما عجز عنه الدعاة المنشغلون بمواجهة صناديد الكفر العنيد والفسق العتيد ‏.‏

    بل إن هؤلاء على الحقيقة هم الجنود المجهولون الذي يقوى بنماذجهم بنيان الصحوة ، ويصفو الكدر ، وتتلاشى الشوائب ‏.‏

    وهؤلاء هم الذي على أصداء صلاحهم تتنـزل الفتوح ويهبط النصر المبين ، يقول الأستاذ الراشد ‏:‏ إن الداعية إذا ألزم نفسه بالورع كانت لورعه أصداء يحدث تكررها وترددها تحريكا للناس ، ويوضح ذلك ما اكتشفه الزاهد يحيى بن معاذ من أنك ‏(‏ على قدر شغلك بالله ‏:‏ يشتغل في أمرك الخلق ‏)‏ ، وتوفيق الله تعالى لنا في عملنا التجميعي منوط بإقبالنا عليه ، وما أزمة صدود الناس عنا إلا من نتائج أزمة قلة اهتمامنا بما أوجبه الله ، ومن أقبل بقلبه على الله تعالى ‏:‏ أقبل بقلوب العباد إليه ‏.‏ إن الدعاة كثيرا ما يشطون عزوف الناس عنهم والتهاءهم بشكليات عادية يجدونها عند الأحزاب الأخرى ، وبالغث لا بالسمين ، وباللغو لا بالعلم ، وما من شك في أن هذه الظاهرة هي من الجهالة التي قوبل بها الأنبياء عليهم السلام وبعض المصلحين ، وأنها صفة متوقعة من البشر ، وأنها من علامات اقتراب الساعة ، ولكن يبدو أن صدود الناس هذه الأيام قد فاق كل صدود سابق ، وأن جهالة الناس بلغت حضيضا واطئا ، وأصبح أمر الإصلاح عسيرا على المقل الماشي في طريق الإيمان بهدوء وبرودة ، ولا بد أن يتصدى المكثر ، الراكض ، الفائر ، ذو الحرارة ‏.‏

    إن للتقوى آثار تشغيل ، وبمقدار جديتنا ‏:‏ يكون الناس جديين ، ولنا شاهد دائم في أنفسنا ، فإننا نتفاوت بين يوم ويوم ، وإيماننا يزيد وينقص ، فإذا كنا حينا في إيمان جيد ‏:‏ رأينا إقبال الناس علينا ، وإذا كان فينا جزر إيماني وقسوة قلب في حين آخر ‏:‏ رأينا قلة جدوى نشاطنا ، مع كثرة غدونا ورواحنا ، وكل منا قد تعاقبت عليه مثل هذه الأحوال ولمس بنفسه اختلاف مواقف الناس مـنه ، وضوابط إنتاج الجماعة تعتمد في كثير من جوانبها على ضوابط إنتاج الفرد ‏.‏ أهـ ‏.‏

    إن الأمة تحتاج أن يوجد من بينها من إذا أقسم على الله أبره الله ، من إذا رفع أصبعه إلى السماء داعيا تفتحت له أبواب القبول والإجابة ، من إذا ألح على الله تبارك وتعالى نزل التأييد من الله عاجلا غير آجل ‏.‏

    تحتاج الأمة إلى البذول المضحي بالمال والثروات لا يخاف الفقر والإملاق ، نموذجا في الإنفاق كأبي بكر الصديق يوم خرج من ماله كله فلما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ماذا تركت لأهلك يا أبا بكر ‏؟‏ قال ‏:‏ تركت لهم الله ورسوله ‏.‏

    إن الأمة أحوج ما تكون إلى فتيان صدق يعيدون إلينا ذكرى المتنسكين الأول أمثال الفضيل بن عياض وابنه علي والسفيانين وعبد الله بن المبارك والكرخي وأحمد بن حنبل وأضرابهم ‏.‏

    إن الأمة لفقيرة إلى أنموذج في الزهد يذكر الناس بحقيقة الدنيا ويريهم أن في البشر من يمكنه أن يغالب نفسه ويطلق هذه الدنيا طلاق البتة وأن يقنع من هذه الدنيا بالقليل الذي يكفي ‏.‏

    محتاجة والله هذه الأمة المنكوبة إلى من يعيد لها ذكريات وأمجاد الأكارم الأول كحلم الأحنف بن قيس وجود ابن المبارك وصبر أحمد في المحن وجلد ابن تيمية في مواجهة قوى الفساد والعتو والبغي ‏.‏

    وما أجمل أن يتلفت الناس من حولهم في كل مدينة وقرية فيجدون هذه النماذج حجة لله عليهم ، وصرخة نذير تذكرهم بما يجب عليهم ، وتلفت أنظارهم إلى أن المكارم والمعاليَ ثَمَّ تنادي عليهم بالرقي والسمو بأحوالهم ‏.‏

    وليت الدعاة والمربون يلاحظون هذا الاتجاه في تربية النشأ ، فقد يجدون من بين الشبيبة من تقصر به همته عن مواجهة الناس بخطبة أو درس ولكنه سيجده في الزهادة والتقوى غرسا يحتاج إلى السقاية والعناية ‏.‏ وقد يجد من بينهم من لا يتقن فنون العلم ولكنه سيجده في رقة القلب وسرعة الدمعة ما يستحق أن تُنَمَّى فيه هذه الخصلة ليكون قدوة للعيون الجامدة والمُقَل المتحجرة‏.‏

    وليس على الدعاة والمربين من بأس أن يندر - في نشأهم الذين يربونهم - طلبة العلم أو الراغبون في التخصص ، ويكون بدلا منهم المتنافسون في الخيرات والعبادات ‏.‏

    بل إني لأرى أن العلم فيه ما يرغب الناس فيه ، فآثاره في الناس مشهودة ، وفضائله في النصوص معلومة ، ورتبته في دنيا الناس لا ينكرها أو يزهد فيها إلا غر جهول ‏.‏

    أما الفضائل الأخرى كالزهد والاجتهاد في العبادة وتحقيق معالي الأخلاق ومكارمها فليس لها من وازع إلا نجابة الساعي إليها وسمو عقل من شمر للتمثل بها ‏.‏

    والصحوة الآن تمر بحالة تشبع في طلبة العلم الذين قنعوا من العلم باسمه ، واكتفوا من مزاياه بشكله ورسمه ‏.‏ وندر من بينهم من حقق في دنيا الناس شيئا مما تعلمه أو علمه لا أستثني ورب الكعبة نفسي ‏.‏

    والصحوة أشد ما تكون احتياجا إلى نماذج الصلاح العليا التي سيكون لها دور المناعة والحصانة لهذه الصحوة من الانحلال والتآكل ‏.‏

    ويمكننا أن لخص خطوات هذه الطريقة في الفقرات الآتية ‏:‏

    ‏(‏1‏)‏ اهتمام الدعاة والمربين بالقيم والمثل والأخلاق ونماذج الصلاح والعبادة أثناء ممارسة النشاطات التربوية والدعوية المختلفة ‏.‏

    ‏(‏2‏)‏ أن تتوافر في المكتبة الإسلامية الأدبيات التي تظهر هذه النماذج من السلف الصالح بحيث تكون وسيلة ميسورة لتعليمها للناشئة أو تعميمها على الناس وتذكرهم بها في الخطب والدروس والمواعظ ‏.‏

    ‏(‏3‏)‏ أن يقوم الدعاة بدور تربوي دقيق في ملاحظة العناصر عالية المستوى من الناشئة ، والتدقيق في صلاحيتهم لأي اتجاه ، وتنمية ذلك الاتجاه بما يحقق نبوغهم فيه ورقيهم على دربه ‏.‏

    ‏(‏4‏)‏ أن يجتهد كل الدعاة بل كل الغيورين على الدين في أن يحقق كل واحد منهم نموذجا من نماذج الصلاح التي يحبها وينوي بهذا الاجتهاد في بلوغ رتبة الصلاح أن يكون داعيا بصلاحه إلى الله تعالى وحجة له على خلقه ورمزا لشموخ هذا الدين وأثره في نفوس أتباعه ‏.‏

    ‏(‏5‏)‏ شحذ همم الناشئة للتنافس في درب الاستقامة عبر المسابقات العلمية والمخيمات التربوية والاعتكافات في المساجد والندوات الترفيهية ‏.‏

    وبعد ‏.‏‏.‏ فإن الصلاح حركة ذاتية في أعماق النفس حيث تتفاعل الإرادات ، وتتجاذب الأهواء وتتعارك النوازع ، وينتصر في النهاية العزم القوي ‏.‏

    والنفس الطاهرة هي التي تسمو على الخبث ، وتتجذر في تربتها قيم الحق ، ويمكث في أرض فطرتها ما ينفع الناس ، ‏{‏ وأما الزبد فيذهب جفاء ‏}‏ ، فأكرم بها من نفس تلك التي اسْتَعْدَتْ على شهواتها جنود الإرادة ، وقفزت على أسوار المصاعب تتسنم ذرى المعالي والمكارم ، تخوض حرب التزكية واثقة أنها ستخرج من المعركة بنصر مبين وفلاح أكيد فـ‏{‏ قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ‏}‏ ، لا تتهيب من مساءة شانئ أو ملامة عاذل ، قد أركزت أوتاد الحق في أرض العزم الوثيق ، وتغلغل اليقين يسري في همة متعاظمة كما سرى المداد في الماء القراح ‏.‏

    ومن باب رد العجز إلى الصدر ‏.‏‏.‏ نقول ‏:‏ إن كل مكلف يستطيع أن يخدم الدين بأن يكون عبقريا في درب من دروب الاستقامة ، فذا في سبيل من سبل المرحمة ، يتخصص في شأن من شئون الآخرة كما يتخصص الناس في مفردات شئون الدنيا ‏.‏

    وقد أشار إلى هذا المعنى نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال ‏:‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ كل سلامى من الناس عليه صدقة ،كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة ‏)‏ ‏.‏ رواه البخاري ومسلم ‏.‏

    وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ الإيمان بضع وستون شعبة ، أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ‏)‏ ‏.‏ رواه البخاري ومسلم

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 3:18 am