يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"
صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواه البخاري)
ويقول الشاعر:
والوقت أنفس ماعنيت بحفظه
وأراه أسهل ماعليك يضيع
حرص الصحابة والسلف علي الوقت
لذلك كان الصحابة والسلف- وهم خير قرون هذه الأمة- أحرص مايكونون علي أوقاتهم, لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها , وكانوا يقولون: من علامات المقت إضاعة الوقت, ويقولون:الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك, وكانوا يحاولون دائما الترقي من حال إلي حال أحسن منها بحيث يكون يوم أحدهم أفضل من أمسه وغده أفضل من يومه, ويقولون في هذا: من كان يومه مثل أمسه فهو مغبون, ومن كان يومه شر من أمسه فهو ملعون.
ويقول الحسن البصري: يا ابن ادم إنما أنت أيام معدودة, فإذا ذهب يوم ذهب بعضك, ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل وأنت تعلم فاعمل.
وكانوا يحرصون كل الحرص علي ألا يمر يوم أو برهة من الزمن-وإن قصرت- دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع إلى الغير حتي لاتتسرب الأعمار سدى وتضيع هباء وهم لايشعرون.
يقول ابن مسعود: ماندمت علي شئ ندمي علي يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد عملي.
قيمة الزمن عند العلماء:
وهذا الإمام ابن جرير الطبري شيخ المفسرين والمحدثين قال لأصحابه يوما: أتنشطون لتفسير القران؟ قالوا:كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة فقالوا: هذا ماتفنى الأعمار قبل تمامه! فاختصره في نحو ثلاثة الاف ورقة وأملاه في سبع سنين ثم قال: أتنشطون لتاريخ العالم من ادم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟فذكر نحوا مماذكره في التفسير, فأجابوا بمثل ذلك! فقال: إنا لله! ماتت الهمم! فاختصره في نحو ما اختصر التفسير.
وهذا الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي يقول: إني لايحل لي أن أضيع ساعة من عمري, حتي إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة , وبصري عن مطالعة , أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح, فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره, وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مماكنت أجده وأنا ابن عشرين سنة, وقد صنف كتاب الفنون ويبلغ كما يقول بعضهم ثماني مائة مجلد.
أما الإمام النووي فكان أمره عجبا.. يقول أحد تلامذته:ذكر لي شيخنا رحمه الله أنه كان لايضيع له وقت, لافي ليل ولا في نهار إلا في الاشتغال حتي في الطرق, وأنه دام علي هذا ست سنين ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق,وكان يأكل في اليوم والليله أكلة ويشرب شربة واحدة عند السحر.. ولازم الاشتغال والتصنيف ونشر العلم والعبادة والأوراد والصيام والذكر,والصبر علي العيش الخشن في المأكل والملبس ملازمة كلية لامزيد عليها.
ويقول سبط ابن الجوزي: سمعت جدي يقول على المنبر في اخر عمره: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلد.
ويقول صاحب كتاب الكنى والألقاب: إن براية أقلام ابن الجوزي التي كتبر بها الحديث جمعت فحصل منها شئ كثير , وأوصي أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته ففعوا ذلك , فكفت وفضل منها.
نصيحة أب لابنه:
وينصح الإمام ابن الجوزي ابنه فيقول له مختصرا.. اعلم يابني أن الملكين يحصيان ألفاظك ونظراتك, وأن أنفاس الحي خطاه إلي أجله ومقدار اللبث في القبور طويل,والعذاب علي موافقة الهوي وبيل, فأين لذة الأمس؟ رحلت وأبقت ندما , وأين شهوة النفس؟ كم نكست رأسا وأزلت قدما, وماسعد من سعد إلا بخلاف هواه, ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه, فاعنبر بمن مضى من الملوك والزهاد, وأين لذة هؤلاء؟ وأين تعب أولئك؟بقى الثواب الجزيل والذكر الجميل للصالحين, والعقاب الوبيل للعاصين, وكأن ماجاع من جاع, ولاشبع من شبع, فانتبه يابني لنفسك, واندم علي مامضى من تفريطك, واجتهد لتلحق بركب الكاملين مادام في الوقت سعة, وسق غصنك مادامت فيه رطوبة , واذكر ساعتك التي ضاعت فكفى بها عظة.
واعلم يابني أن الأيام تبسط ساعات, والساعات تبسط أنفاسا, وكل نفس خزانة, فاحذرأن يذهب نفس بغير شئ فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم...وفي الحديث:"من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة"فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل.
(الحديث في الترمذي عن جابر والحديث أورده الترمذي من طريقين قال أحدهما هذا حسن غريب صحيح وقال في الاخر:حسن غريب)
ومن تفكر في الدنيا قبل أن يولد رأى مدة طويلة, فإذا تفكر فيها بعد أن يخرج منها رأى مدة طويلة, وعلم أن اللبث في القبور طويل , فإذا تفكر في اللبث في الجنة أو النار علم أنه لانهاية له.. فإذا عاد إلي النظر في مقدار بقائه في الدنيا-إذا كان ستين سنه مثلا- فإنه يمضي عشرين سنة في النوم, ونحوا من خمس عشرة في الصبا, فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمكاسب والمكدرات فإذا خلص ما للاخره وجد فيه من الرياء والغفلة الكثير... فبماذا تشترى الحياهة الأبدية؟ وما الثمن إلا هذه الساعات؟
كيفية اغتنام الوقت:
وفي النهاية يقول الشيخ عبدالفتاح أبو غدة:
إن أهم مايساعد علي اغتنام الوقت تنظيم الأعمال, واجتناب المجالس الفارغة الخاوية, وترك الفضول في كل شئ ومصاحبة المجدين النبهاء والأذكياء المتيقظين للوقت والدقائق, وقراءة أخبار العلماء الأفذاذ أصحاب التراجم الحافزة, فإن ذلك يعرفك بقيمة الزمن, ويلهب فيك الحفاظ عليه.
واعلم أن العمر الطويل ينقضي يوما بعد يوم, وكثيرا ماتنسي أنه يمضي مسرعا ولايعود فتغفل عن اكتسابه والانتفاع به.. قال الإمام أحمد بن حنبل: ماشبهت الشباب إلا بشئ كان في كمي فسقط!!
وقد يخيل للبعض أن الأيام ستفرغ له في المستقبل من الشواغل وتصفو له من المكدرات والعوائق , وأنه سيكون فيها أفرغ منه في الماضي أيام الشباب, ولكن الواقع المشاهد علي العكس من هذا.
أيها الأخ العزيز:
كلما كبر سنك, كبرت مسئولياتك, وزادت علاقاتك, وضاقت أوقاتك, ونقصت طاقتك, فالوقت في الكبر أضيق, والجسم فيه أضعف , والصحة فيه أقل, والنشاط فيه أدني, والواجبات والشواغل فيه أكثر وأشد , فبادر ساعات العمر وهي سانحة, ولاتتعلق بالغائب المجهول, فكل ظرف مملوء بشواغله وأعماله ومفاجاته....
صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواه البخاري)
ويقول الشاعر:
والوقت أنفس ماعنيت بحفظه
وأراه أسهل ماعليك يضيع
حرص الصحابة والسلف علي الوقت
لذلك كان الصحابة والسلف- وهم خير قرون هذه الأمة- أحرص مايكونون علي أوقاتهم, لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها , وكانوا يقولون: من علامات المقت إضاعة الوقت, ويقولون:الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك, وكانوا يحاولون دائما الترقي من حال إلي حال أحسن منها بحيث يكون يوم أحدهم أفضل من أمسه وغده أفضل من يومه, ويقولون في هذا: من كان يومه مثل أمسه فهو مغبون, ومن كان يومه شر من أمسه فهو ملعون.
ويقول الحسن البصري: يا ابن ادم إنما أنت أيام معدودة, فإذا ذهب يوم ذهب بعضك, ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل وأنت تعلم فاعمل.
وكانوا يحرصون كل الحرص علي ألا يمر يوم أو برهة من الزمن-وإن قصرت- دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع إلى الغير حتي لاتتسرب الأعمار سدى وتضيع هباء وهم لايشعرون.
يقول ابن مسعود: ماندمت علي شئ ندمي علي يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد عملي.
قيمة الزمن عند العلماء:
وهذا الإمام ابن جرير الطبري شيخ المفسرين والمحدثين قال لأصحابه يوما: أتنشطون لتفسير القران؟ قالوا:كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة فقالوا: هذا ماتفنى الأعمار قبل تمامه! فاختصره في نحو ثلاثة الاف ورقة وأملاه في سبع سنين ثم قال: أتنشطون لتاريخ العالم من ادم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟فذكر نحوا مماذكره في التفسير, فأجابوا بمثل ذلك! فقال: إنا لله! ماتت الهمم! فاختصره في نحو ما اختصر التفسير.
وهذا الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي يقول: إني لايحل لي أن أضيع ساعة من عمري, حتي إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة , وبصري عن مطالعة , أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح, فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره, وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مماكنت أجده وأنا ابن عشرين سنة, وقد صنف كتاب الفنون ويبلغ كما يقول بعضهم ثماني مائة مجلد.
أما الإمام النووي فكان أمره عجبا.. يقول أحد تلامذته:ذكر لي شيخنا رحمه الله أنه كان لايضيع له وقت, لافي ليل ولا في نهار إلا في الاشتغال حتي في الطرق, وأنه دام علي هذا ست سنين ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق,وكان يأكل في اليوم والليله أكلة ويشرب شربة واحدة عند السحر.. ولازم الاشتغال والتصنيف ونشر العلم والعبادة والأوراد والصيام والذكر,والصبر علي العيش الخشن في المأكل والملبس ملازمة كلية لامزيد عليها.
ويقول سبط ابن الجوزي: سمعت جدي يقول على المنبر في اخر عمره: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلد.
ويقول صاحب كتاب الكنى والألقاب: إن براية أقلام ابن الجوزي التي كتبر بها الحديث جمعت فحصل منها شئ كثير , وأوصي أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته ففعوا ذلك , فكفت وفضل منها.
نصيحة أب لابنه:
وينصح الإمام ابن الجوزي ابنه فيقول له مختصرا.. اعلم يابني أن الملكين يحصيان ألفاظك ونظراتك, وأن أنفاس الحي خطاه إلي أجله ومقدار اللبث في القبور طويل,والعذاب علي موافقة الهوي وبيل, فأين لذة الأمس؟ رحلت وأبقت ندما , وأين شهوة النفس؟ كم نكست رأسا وأزلت قدما, وماسعد من سعد إلا بخلاف هواه, ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه, فاعنبر بمن مضى من الملوك والزهاد, وأين لذة هؤلاء؟ وأين تعب أولئك؟بقى الثواب الجزيل والذكر الجميل للصالحين, والعقاب الوبيل للعاصين, وكأن ماجاع من جاع, ولاشبع من شبع, فانتبه يابني لنفسك, واندم علي مامضى من تفريطك, واجتهد لتلحق بركب الكاملين مادام في الوقت سعة, وسق غصنك مادامت فيه رطوبة , واذكر ساعتك التي ضاعت فكفى بها عظة.
واعلم يابني أن الأيام تبسط ساعات, والساعات تبسط أنفاسا, وكل نفس خزانة, فاحذرأن يذهب نفس بغير شئ فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم...وفي الحديث:"من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة"فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل.
(الحديث في الترمذي عن جابر والحديث أورده الترمذي من طريقين قال أحدهما هذا حسن غريب صحيح وقال في الاخر:حسن غريب)
ومن تفكر في الدنيا قبل أن يولد رأى مدة طويلة, فإذا تفكر فيها بعد أن يخرج منها رأى مدة طويلة, وعلم أن اللبث في القبور طويل , فإذا تفكر في اللبث في الجنة أو النار علم أنه لانهاية له.. فإذا عاد إلي النظر في مقدار بقائه في الدنيا-إذا كان ستين سنه مثلا- فإنه يمضي عشرين سنة في النوم, ونحوا من خمس عشرة في الصبا, فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمكاسب والمكدرات فإذا خلص ما للاخره وجد فيه من الرياء والغفلة الكثير... فبماذا تشترى الحياهة الأبدية؟ وما الثمن إلا هذه الساعات؟
كيفية اغتنام الوقت:
وفي النهاية يقول الشيخ عبدالفتاح أبو غدة:
إن أهم مايساعد علي اغتنام الوقت تنظيم الأعمال, واجتناب المجالس الفارغة الخاوية, وترك الفضول في كل شئ ومصاحبة المجدين النبهاء والأذكياء المتيقظين للوقت والدقائق, وقراءة أخبار العلماء الأفذاذ أصحاب التراجم الحافزة, فإن ذلك يعرفك بقيمة الزمن, ويلهب فيك الحفاظ عليه.
واعلم أن العمر الطويل ينقضي يوما بعد يوم, وكثيرا ماتنسي أنه يمضي مسرعا ولايعود فتغفل عن اكتسابه والانتفاع به.. قال الإمام أحمد بن حنبل: ماشبهت الشباب إلا بشئ كان في كمي فسقط!!
وقد يخيل للبعض أن الأيام ستفرغ له في المستقبل من الشواغل وتصفو له من المكدرات والعوائق , وأنه سيكون فيها أفرغ منه في الماضي أيام الشباب, ولكن الواقع المشاهد علي العكس من هذا.
أيها الأخ العزيز:
كلما كبر سنك, كبرت مسئولياتك, وزادت علاقاتك, وضاقت أوقاتك, ونقصت طاقتك, فالوقت في الكبر أضيق, والجسم فيه أضعف , والصحة فيه أقل, والنشاط فيه أدني, والواجبات والشواغل فيه أكثر وأشد , فبادر ساعات العمر وهي سانحة, ولاتتعلق بالغائب المجهول, فكل ظرف مملوء بشواغله وأعماله ومفاجاته....
