خمسة وعشرون ألفًا وخمسمائة حرف،
وستة آلاف ومائة وعشرون كلمة، ومائتان وستة وثمانون آية في عدد الكوفي
وعدد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال الإمام أحمد: حدثنا عارم،
حدثنا معتمر، عن أبيه، عن رجل، عن أبيه، عن معقل بن يسار؛ أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " البقرة سَنَام القرآن وذروته(السنام:أعلى الشئ)، نـزل مع كل آية
منها ثمانون مَلَكًا، واستخرجت: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
[البقرة: 255] من تحت العرش، فوصلت بها، أو فوصلت بسورة البقرة، ويس: قلب
القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله، والدار الآخرة إلا غفر له، واقرؤوها على
موتاكم " (ضعيف : الألباني)انفرد به أحمد
وقد رواه أحمد -أيضًا-عن عارم، عن عبد الله بن المبارك، عن سليمان التيمي
عن أبي عثمان -وليس بالنَّهْدي-عن أبيه، عن مَعْقِل بن يَسَار، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرؤوها على موتاكم " (ضعيف: الالباني)يعني: يس
فقد بَيَّنَّا بهذا الإسناد
معرفة المبهم في الرواية الأولى. وقد أخرج هذا الحديث على هذه الصفة في
الرواية الثانية أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
وقد روى الترمذي من حديث حكيم بن جبير، وفيه ضعف، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام، وإن
سَنَام القرآن البقرة، وفيها آية هي سيدة آي القرآن: آية الكرسي " .
وفي مسند أحمد وصحيح مسلم والترمذي والنسائي، من حديث سهيل
بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لا
يدخله الشيطان " ( صحيح مسلم) وقال الترمذي: حسن صحيح.وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثني ابن أبي مريم، عن ابن
لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنان بن سعد، عن أنس بن مالك، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة
البقرة تقرأ فيه " .
سنان بن سعد، ويقال بالعكس، وثقه ابن معين واستنكر حديثه أحمد بن حنبل وغيره.
وقال أبو عبيد: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سلمة بن كُهَيْل، عن
أبي الأحوص، عن عبد الله، يعني ابن مسعود، قال: إن الشيطان يفر من البيت
الذي يسمع فيه سورة البقرة. ورواه النسائي في اليوم والليلة، وأخرجه
الحاكم في مستدركه من حديث شعبة ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي،
حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن
بلال، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن
مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ألْفَيَنَّ أحَدَكم،
يَضَع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى، ويدع سورة البقرة يقرؤها، فإن الشيطان
يفرّ من البيت تقرأ فيه سورة البقرة، وإن أصفْرَ البيوت، الجَوْفُ
الصِّفْر من كتاب الله " .
وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة، عن محمد بن نصر، عن أيوب بن سليمان، به .
وروى الدارمي في مسنده عن ابن مسعود قال: ما من بيت تقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضراط . وقال: إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة، وإن لكل شيء لبابًا(اللباب:خالص كل شئ)، وإن لباب القرآن المفصل
. وروى -أيضا-من طريق الشعبي قال: قال عبد الله بن مسعود: من قرأ عشر آيات
من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة أربع من أولها
وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث آيات من آخرها وفي رواية: لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق.
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن البقرة، من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارًا لم يدخله < 1-151 > الشيطان ثلاثة أيام(ضعيف: الالباني) "
رواه أبو القاسم الطبراني، وأبو حاتم، وابن حبان في صحيحه .
وقد روى الترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن
سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة، قال: بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذوو عدد، فاستقرأهم فاستقرأ كُلّ واحد منهم،
يعني ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا، فقال: " ما معك يا
فلان؟ " قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، فقال: " أمعك سورة البقرة؟" قال:
نعم. قال: " اذهب فأنت أميرهم " فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن
أتعلم البقرة
إلا أني خشيت ألا أقوم بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعلموا
القرآن واقرؤوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأ وقام به كمثل جراب محشو
مسْكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه، فيرقد وهو في جوفه، كمثل
جراب أوكِي على مسك "(ضعيف: الألباني) .
هذا لفظ رواية الترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن. ثم رواه من حديث الليث، عن سعيد، عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلا فالله أعلم .
قال البخاري: وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أسَيد بن حُضَير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت(اضطربت) الفرس، فسكت، فسكَنتْ، فقرأ
فجالت الفرس، فسكت، فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى
قريبًا منها. فأشفق أن تصيبه، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما
يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اقرأ يا ابن
حُضَير "
. قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي
وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظُّلَّة فيها أمثال
المصابيح، فخرجت حتى لا أراها، قال: " وتدري ما ذاك؟ " . قال: لا. قال: "
تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم"(صحيح: البخاري) .
وهكذا رواه الإمام العَالم أبو عبيد القاسم بن سلام، في كتاب فضائل القرآن، عن عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، عن الليث به .
وقد روي من وجه آخر عن أسيد بن حضير، كما تقدم ، والله أعلم. < 1-152 >
وقد وقع نحو من هذا لثابت بن قيس بن شماس، رضي الله عنه، وذلك فيما رواه أبو عبيد [القاسم] : حدثنا عباد بن عباد، عن جرير بن حازم، عن جرير
بن يزيد: أن أشياخ أهل المدينة حدثوه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قيل له: ألم تر ثابت بن قيس بن شماس؟ لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح،
قال: " فلعله قرأ سورة البقرة " . قال: فسئل ثابت، فقال: قرأت سورة البقرة .
وهذا إسناد جيد، إلا أن فيه إبهاما، ثم هو مرسل، والله أعلم.
[ذكر] ما ورد في فضلها مع آل عمران
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم، حدثنا بشير بن مهاجر
حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله
عليه وسلم فسمعته يقول: " تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها
حسرة، ولا تستطيعها البطلة " . قال: ثم سكت ساعة، ثم قال: " تعلموا سورة
البقرة، وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يُظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما
غمامتان أو غيايتان، أو فرْقان من طير صَوافّ، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم
القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما
أعرفك. فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن
كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة. فيعطى الملك بيمينه
والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين، لا يقوم
لهما
أهل الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال:
اقرأ واصعد في دَرَج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هَذًّا كان أو
ترتيلا " .
وروى ابن ماجه من حديث بشير بن المهاجر بعضه ، وهذا إسناد حسن
على شرط مسلم، فإن بشيرا هذا أخرج له مسلم، ووثقه ابن معين، وقال النسائي:
ليس به بأس، إلا أن الإمام أحمد قال فيه: هو منكر الحديث، قد اعتبرت
أحاديثه فإذا هي تجيء بالعجب. وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه. وقال أبو
حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي: روى ما لا يتابع
عليه. وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
قلت: ولكن لبعضه شواهد؛ فمن ذلك حديث أبي أمامة الباهلي؛ قال الإمام
أحمد: حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي
سلام، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "
اقرؤوا القرآن فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة، اقرؤوا الزهراوين: البقرة
وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان،
أو كأنهما فِرْقان من طير صوافّ يحاجان عن أهلهما " ثم قال: " اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة، ولا تستطيعها < 1-153 > البطلة "(صحيح: مسلم) .
وقد رواه مسلم في الصلاة من حديث معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام،
عن جده أبي سلام مَمْطور الحَبَشِيّ، عن أبي أمامة صُدَيّ بن عجلان
[الباهلي] ، به .
الزهراوان: المنيران، والغياية: ما أظلك من فوقك. والفِرْقُ: القطعة من الشيء، والصواف: المصطفة المتضامة . والبطلة السحرة، ومعنى " لا تستطيعها " أي: لا يمكنهم حفظها، وقيل: لا تستطيع النفوذ في قارئها، والله أعلم.
ومن ذلك حديث النَّوّاس
بن سِمْعان. قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا الوليد بن
مسلم، عن محمد بن مهاجر، عن الوليد بن عبد الرحمن الجُرَشي، عن جُبَير بن
نُفَير، قال: سمعت النواس بن سمعان الكلابي، يقول: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: " يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا
يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران " . وضرب لهما رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: " كأنهما غمامتان أو
ظلتان سوداوان بينهما شَرْق، أو كأنهما فرْقَان من طير صَوَاف يُحَاجَّان عن صاحبهما " .
ورواه مسلم، عن إسحاق بن منصور، عن يزيد بن عبد ربه، به .
والترمذي، من حديث الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، به . وقال: حسن غريب.
وقال أبو عبيد: حدثنا حجاج، عن حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير،
قال: قال حماد: أحسبه عن أبي منيب، عن عمه؛ أن رجلا قرأ البقرة وآل عمران،
فلما قضى صلاته قال له كعب: أقرأت البقرة وآل عمران؟ قال: نعم. قال:
فوالذي نفسي بيده، إن فيهما اسم الله الذي إذا دعي به استجاب . قال: فأخبرني به. قال: لا والله لا أخبرك به، ولو أخبرتك لأوشكت أن تدعوه بدعوة أهلك فيها أنا وأنت .
[قال أبو عبيد] : وحدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر: أنه سمع أبا أمامة يقول: إن أخًا لكم
أرِي في المنام أن الناس يسلكون في صدع جبل وعر طويل، وعلى رأس الجبل
شجرتان خضراوان تهتفان: هل فيكم من يقرأ سورة البقرة؟ وهل فيكم من يقرأ
سورة آل عمران؟ قال: فإذا قال الرجل: نعم. دنتا منه بأعذاقهما، حتى يتعلق
بهما فتُخطران به < 1-154 > الجبل .
[قال أبو عبيد]
وحدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن أبي عمران: أنه سمع أم
الدرداء تقول: إن رجلا ممن قرأ القرآن أغار على جار له، فقتله، وإنه أقيدَ
به
، فقتل، فما زال القرآن ينسل منه سورة سورة، حتى بقيت البقرة وآل عمران
جمعة، ثم إن آل عمران انسلت منه، وأقامت البقرة جمعة، فقيل لها: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ [ق: 29] قال: فخرجت كأنها السحابة العظيمة .
قال أبو عبيد: أراه، يعني: أنهما كانتا معه في قبره تدفعان عنه وتؤنسانه، فكانتا من آخر ما بقي معه من القرآن.
وقال -أيضًا-: حدثنا أبو مُسْهِر الغساني، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي: أن يزيد بن الأسود الجُرَشي كان يحدث
: أنه من قرأ البقرة وآل عمران في يوم، برئ من النفاق حتى يمسي، ومن
قرأهما من ليلة برئ من النفاق حتى يصبح، قال: فكان يقرؤهما كل يوم وليلة
سوى جزئه .
[قال أيضًا] : وحدثنا يزيد، عن وقاء بن إياس، عن سعيد بن جبير، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من قرأ البقرة وآل عمران في ليلة كان -أو كتب-من القانتين .
فيه انقطاع، ولكن ثبت في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعة واحدة .
[ذكر] ما ورد في فضل السبع الطول
قال أبو عبيد: حدثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن
سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال: " أعطيت السبع الطُّوال مكان التوراة، وأعطيت المئين
مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصّل " .
هذا حديث غريب، وسعيد بن بشير، فيه لين.
وقد رواه أبو عبيد [أيضا]
، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن سعيد بن أبي هلال، قال: بلغنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال... فذكره، والله أعلم. ثم قال حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن حبيب بن هند الأسلمي، < 1-155 > عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ السبع فهو حَبْر"(الحبر:العائم) .
وهذا أيضًا غريب، وحبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي، روى
عنه عمرو بن أبي عمرو وعبد الله بن أبي بكرة، وذكره أبو حاتم الرازي ولم
يذكر فيه جرحا، فالله أعلم.
وقد رواه الإمام أحمد، عن سليمان بن داود، وحسين، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، به .
ورواه -أيضًا-عن أبي سعيد، عن سليمان بن بلال، عن حبيب بن هند، عن
عروة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ السبع
الأوَل من القرآن فهو حَبْر ")ضعيف: ابن الجوزي) .
قال أحمد: وحدثنا حسين، حدثنا ابن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قال عبد الله بن أحمد: وهذا أرى فيه، عن أبيه، عن الأعرج، ولكن كذا كان في الكتاب بلا " أبي " ، أغفله أبي، أو كذا هو مرسل، ثم قال أبو عبيد: حدثنا هُشَيْم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي
[الحجر: 87]، قال: هي السبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة،
والأنعام، والأعراف، ويونس. قال: وقال مجاهد: هي السبع الطول. وهكذا قال
مكحول، وعطية بن قيس، وأبو محمد الفارسي ،وشَداد بن عبيد الله، ويحيى بن الحارث الذماري في تفسير الآية بذلك، وفي تعدادها، وأن يونس هي السابعة.
فصل
والبقرة جميعها مدنية بلا خلاف، هي من اوائل مانزل بها لكن قوله تعالى{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} يقال إنها آخر مانزل من القرآن ويحتمل أن تكون منها وكذلك آيات الربا من آخر مانزل وكان خالد بن معدان يسمي البقرة فسطاط القرآن (أي:بيت يتخذ من الشعر).
قال بعض العلماء: وهي مشتملة على ألف خبر، وألف أمر، وألف نهي وقال العادون: آياتها مائتان وثمانون وسبع آيات، وكلماتها ستة آلاف كلمة ومائة وإحدى وعشرون كلمة، وحروفها خمسة وعشرون ألفًا وخمسمائة حرف، فالله أعلم.
قال ابن جُرَيْج، عن عطاء، عن ابن عباس: نزلت بالمدينة سورة البقرة.
وقال خَصيف: عن مجاهد، عن عبد الله بن الزبير، قال: أنـزل بالمدينة سورة البقرة.
وقال الواقدي: حدثني الضحاك بن عثمان، عن أبي الزِّناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، قال: نـزلت البقرة بالمدينة.
وهكذا قال غير واحد من الأئمة والعلماء، والمفسرين، ولا خلاف فيه. < 1-156 >
وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا محمد بن مَعْمَر، حدثنا الحسن بن علي بن الوليد [الفارسي] حدثنا خلف بن هشام، حدثنا عُبيس
بن ميمون، عن موسى بن أنس بن مالك، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لا تقولوا: سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة
النساء، وكذا القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة،
والتي يذكر فيها آل عمران، وكذا القرآن كله " .
هذا حديث غريب لا يصح رفعه، وعيسى بن ميمون هذا هو أبو سلمة الخواص، وهو ضعيف الرواية، لا يحتج به. وقد ثبت في الصحيحين ، عن ابن مسعود: أنه رمى الجمرة من بطن الوادي، فجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ثم قال : هذا مقام الذي أنـزلت عليه سورة البقرة. أخرجاه(صحيح البخاري,مسلم) .
وروى ابن مَرْدُويه، من حديث شعبة، عن عقيل بن طلحة، عن عتبة بن فرقد قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه تأخرًا ، فقال: " يا أصحاب سورة البقرة "
. وأظن هذا كان يوم حنين، حين ولوا مدبرين أمر العباس فناداهم: " يا أصحاب
الشجرة " ، يعني أهل بيعة الرضوان. وفي رواية: " يا أصحاب البقرة " ؛ ولينشطهم بذلك، فجعلوا يقبلون من كل وجه . وكذلك يوم اليمامة مع أصحاب مسيلمة، جعل الصحابة يفرون لكثافة حَشْر بني حنيفة، فجعل المهاجرون والأنصار يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة، حتى فتح الله عليهم . رضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين.
وستة آلاف ومائة وعشرون كلمة، ومائتان وستة وثمانون آية في عدد الكوفي
وعدد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال الإمام أحمد: حدثنا عارم،
حدثنا معتمر، عن أبيه، عن رجل، عن أبيه، عن معقل بن يسار؛ أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " البقرة سَنَام القرآن وذروته(السنام:أعلى الشئ)، نـزل مع كل آية
منها ثمانون مَلَكًا، واستخرجت: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
[البقرة: 255] من تحت العرش، فوصلت بها، أو فوصلت بسورة البقرة، ويس: قلب
القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله، والدار الآخرة إلا غفر له، واقرؤوها على
موتاكم " (ضعيف : الألباني)انفرد به أحمد
وقد رواه أحمد -أيضًا-عن عارم، عن عبد الله بن المبارك، عن سليمان التيمي
عن أبي عثمان -وليس بالنَّهْدي-عن أبيه، عن مَعْقِل بن يَسَار، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرؤوها على موتاكم " (ضعيف: الالباني)يعني: يس
فقد بَيَّنَّا بهذا الإسناد
معرفة المبهم في الرواية الأولى. وقد أخرج هذا الحديث على هذه الصفة في
الرواية الثانية أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
وقد روى الترمذي من حديث حكيم بن جبير، وفيه ضعف، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام، وإن
سَنَام القرآن البقرة، وفيها آية هي سيدة آي القرآن: آية الكرسي " .
وفي مسند أحمد وصحيح مسلم والترمذي والنسائي، من حديث سهيل
بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لا
يدخله الشيطان " ( صحيح مسلم) وقال الترمذي: حسن صحيح.وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثني ابن أبي مريم، عن ابن
لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سِنان بن سعد، عن أنس بن مالك، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة
البقرة تقرأ فيه " .
سنان بن سعد، ويقال بالعكس، وثقه ابن معين واستنكر حديثه أحمد بن حنبل وغيره.
وقال أبو عبيد: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سلمة بن كُهَيْل، عن
أبي الأحوص، عن عبد الله، يعني ابن مسعود، قال: إن الشيطان يفر من البيت
الذي يسمع فيه سورة البقرة. ورواه النسائي في اليوم والليلة، وأخرجه
الحاكم في مستدركه من حديث شعبة ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي،
حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن
بلال، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن
مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ألْفَيَنَّ أحَدَكم،
يَضَع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى، ويدع سورة البقرة يقرؤها، فإن الشيطان
يفرّ من البيت تقرأ فيه سورة البقرة، وإن أصفْرَ البيوت، الجَوْفُ
الصِّفْر من كتاب الله " .
وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة، عن محمد بن نصر، عن أيوب بن سليمان، به .
وروى الدارمي في مسنده عن ابن مسعود قال: ما من بيت تقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضراط . وقال: إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة، وإن لكل شيء لبابًا(اللباب:خالص كل شئ)، وإن لباب القرآن المفصل
. وروى -أيضا-من طريق الشعبي قال: قال عبد الله بن مسعود: من قرأ عشر آيات
من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة أربع من أولها
وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث آيات من آخرها وفي رواية: لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق.
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن البقرة، من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارًا لم يدخله < 1-151 > الشيطان ثلاثة أيام(ضعيف: الالباني) "
رواه أبو القاسم الطبراني، وأبو حاتم، وابن حبان في صحيحه .
وقد روى الترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن
سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة، قال: بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذوو عدد، فاستقرأهم فاستقرأ كُلّ واحد منهم،
يعني ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا، فقال: " ما معك يا
فلان؟ " قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، فقال: " أمعك سورة البقرة؟" قال:
نعم. قال: " اذهب فأنت أميرهم " فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن
أتعلم البقرة
إلا أني خشيت ألا أقوم بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعلموا
القرآن واقرؤوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأ وقام به كمثل جراب محشو
مسْكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه، فيرقد وهو في جوفه، كمثل
جراب أوكِي على مسك "(ضعيف: الألباني) .
هذا لفظ رواية الترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن. ثم رواه من حديث الليث، عن سعيد، عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلا فالله أعلم .
قال البخاري: وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أسَيد بن حُضَير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت(اضطربت) الفرس، فسكت، فسكَنتْ، فقرأ
فجالت الفرس، فسكت، فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى
قريبًا منها. فأشفق أن تصيبه، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما
يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اقرأ يا ابن
حُضَير "
. قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي
وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظُّلَّة فيها أمثال
المصابيح، فخرجت حتى لا أراها، قال: " وتدري ما ذاك؟ " . قال: لا. قال: "
تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم"(صحيح: البخاري) .
وهكذا رواه الإمام العَالم أبو عبيد القاسم بن سلام، في كتاب فضائل القرآن، عن عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، عن الليث به .
وقد روي من وجه آخر عن أسيد بن حضير، كما تقدم ، والله أعلم. < 1-152 >
وقد وقع نحو من هذا لثابت بن قيس بن شماس، رضي الله عنه، وذلك فيما رواه أبو عبيد [القاسم] : حدثنا عباد بن عباد، عن جرير بن حازم، عن جرير
بن يزيد: أن أشياخ أهل المدينة حدثوه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قيل له: ألم تر ثابت بن قيس بن شماس؟ لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح،
قال: " فلعله قرأ سورة البقرة " . قال: فسئل ثابت، فقال: قرأت سورة البقرة .
وهذا إسناد جيد، إلا أن فيه إبهاما، ثم هو مرسل، والله أعلم.
[ذكر] ما ورد في فضلها مع آل عمران
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم، حدثنا بشير بن مهاجر
حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله
عليه وسلم فسمعته يقول: " تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها
حسرة، ولا تستطيعها البطلة " . قال: ثم سكت ساعة، ثم قال: " تعلموا سورة
البقرة، وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يُظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما
غمامتان أو غيايتان، أو فرْقان من طير صَوافّ، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم
القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما
أعرفك. فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن
كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة. فيعطى الملك بيمينه
والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين، لا يقوم
لهما
أهل الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال:
اقرأ واصعد في دَرَج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هَذًّا كان أو
ترتيلا " .
وروى ابن ماجه من حديث بشير بن المهاجر بعضه ، وهذا إسناد حسن
على شرط مسلم، فإن بشيرا هذا أخرج له مسلم، ووثقه ابن معين، وقال النسائي:
ليس به بأس، إلا أن الإمام أحمد قال فيه: هو منكر الحديث، قد اعتبرت
أحاديثه فإذا هي تجيء بالعجب. وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه. وقال أبو
حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي: روى ما لا يتابع
عليه. وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
قلت: ولكن لبعضه شواهد؛ فمن ذلك حديث أبي أمامة الباهلي؛ قال الإمام
أحمد: حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي
سلام، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "
اقرؤوا القرآن فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة، اقرؤوا الزهراوين: البقرة
وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان،
أو كأنهما فِرْقان من طير صوافّ يحاجان عن أهلهما " ثم قال: " اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة، ولا تستطيعها < 1-153 > البطلة "(صحيح: مسلم) .
وقد رواه مسلم في الصلاة من حديث معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام،
عن جده أبي سلام مَمْطور الحَبَشِيّ، عن أبي أمامة صُدَيّ بن عجلان
[الباهلي] ، به .
الزهراوان: المنيران، والغياية: ما أظلك من فوقك. والفِرْقُ: القطعة من الشيء، والصواف: المصطفة المتضامة . والبطلة السحرة، ومعنى " لا تستطيعها " أي: لا يمكنهم حفظها، وقيل: لا تستطيع النفوذ في قارئها، والله أعلم.
ومن ذلك حديث النَّوّاس
بن سِمْعان. قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا الوليد بن
مسلم، عن محمد بن مهاجر، عن الوليد بن عبد الرحمن الجُرَشي، عن جُبَير بن
نُفَير، قال: سمعت النواس بن سمعان الكلابي، يقول: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: " يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا
يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران " . وضرب لهما رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: " كأنهما غمامتان أو
ظلتان سوداوان بينهما شَرْق، أو كأنهما فرْقَان من طير صَوَاف يُحَاجَّان عن صاحبهما " .
ورواه مسلم، عن إسحاق بن منصور، عن يزيد بن عبد ربه، به .
والترمذي، من حديث الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، به . وقال: حسن غريب.
وقال أبو عبيد: حدثنا حجاج، عن حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير،
قال: قال حماد: أحسبه عن أبي منيب، عن عمه؛ أن رجلا قرأ البقرة وآل عمران،
فلما قضى صلاته قال له كعب: أقرأت البقرة وآل عمران؟ قال: نعم. قال:
فوالذي نفسي بيده، إن فيهما اسم الله الذي إذا دعي به استجاب . قال: فأخبرني به. قال: لا والله لا أخبرك به، ولو أخبرتك لأوشكت أن تدعوه بدعوة أهلك فيها أنا وأنت .
[قال أبو عبيد] : وحدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر: أنه سمع أبا أمامة يقول: إن أخًا لكم
أرِي في المنام أن الناس يسلكون في صدع جبل وعر طويل، وعلى رأس الجبل
شجرتان خضراوان تهتفان: هل فيكم من يقرأ سورة البقرة؟ وهل فيكم من يقرأ
سورة آل عمران؟ قال: فإذا قال الرجل: نعم. دنتا منه بأعذاقهما، حتى يتعلق
بهما فتُخطران به < 1-154 > الجبل .
[قال أبو عبيد]
وحدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن أبي عمران: أنه سمع أم
الدرداء تقول: إن رجلا ممن قرأ القرآن أغار على جار له، فقتله، وإنه أقيدَ
به
، فقتل، فما زال القرآن ينسل منه سورة سورة، حتى بقيت البقرة وآل عمران
جمعة، ثم إن آل عمران انسلت منه، وأقامت البقرة جمعة، فقيل لها: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ [ق: 29] قال: فخرجت كأنها السحابة العظيمة .
قال أبو عبيد: أراه، يعني: أنهما كانتا معه في قبره تدفعان عنه وتؤنسانه، فكانتا من آخر ما بقي معه من القرآن.
وقال -أيضًا-: حدثنا أبو مُسْهِر الغساني، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي: أن يزيد بن الأسود الجُرَشي كان يحدث
: أنه من قرأ البقرة وآل عمران في يوم، برئ من النفاق حتى يمسي، ومن
قرأهما من ليلة برئ من النفاق حتى يصبح، قال: فكان يقرؤهما كل يوم وليلة
سوى جزئه .
[قال أيضًا] : وحدثنا يزيد، عن وقاء بن إياس، عن سعيد بن جبير، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من قرأ البقرة وآل عمران في ليلة كان -أو كتب-من القانتين .
فيه انقطاع، ولكن ثبت في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعة واحدة .
[ذكر] ما ورد في فضل السبع الطول
قال أبو عبيد: حدثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن
سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال: " أعطيت السبع الطُّوال مكان التوراة، وأعطيت المئين
مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصّل " .
هذا حديث غريب، وسعيد بن بشير، فيه لين.
وقد رواه أبو عبيد [أيضا]
، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن سعيد بن أبي هلال، قال: بلغنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال... فذكره، والله أعلم. ثم قال حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن حبيب بن هند الأسلمي، < 1-155 > عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ السبع فهو حَبْر"(الحبر:العائم) .
وهذا أيضًا غريب، وحبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي، روى
عنه عمرو بن أبي عمرو وعبد الله بن أبي بكرة، وذكره أبو حاتم الرازي ولم
يذكر فيه جرحا، فالله أعلم.
وقد رواه الإمام أحمد، عن سليمان بن داود، وحسين، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، به .
ورواه -أيضًا-عن أبي سعيد، عن سليمان بن بلال، عن حبيب بن هند، عن
عروة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ السبع
الأوَل من القرآن فهو حَبْر ")ضعيف: ابن الجوزي) .
قال أحمد: وحدثنا حسين، حدثنا ابن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قال عبد الله بن أحمد: وهذا أرى فيه، عن أبيه، عن الأعرج، ولكن كذا كان في الكتاب بلا " أبي " ، أغفله أبي، أو كذا هو مرسل، ثم قال أبو عبيد: حدثنا هُشَيْم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي
[الحجر: 87]، قال: هي السبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة،
والأنعام، والأعراف، ويونس. قال: وقال مجاهد: هي السبع الطول. وهكذا قال
مكحول، وعطية بن قيس، وأبو محمد الفارسي ،وشَداد بن عبيد الله، ويحيى بن الحارث الذماري في تفسير الآية بذلك، وفي تعدادها، وأن يونس هي السابعة.
فصل
والبقرة جميعها مدنية بلا خلاف، هي من اوائل مانزل بها لكن قوله تعالى{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} يقال إنها آخر مانزل من القرآن ويحتمل أن تكون منها وكذلك آيات الربا من آخر مانزل وكان خالد بن معدان يسمي البقرة فسطاط القرآن (أي:بيت يتخذ من الشعر).
قال بعض العلماء: وهي مشتملة على ألف خبر، وألف أمر، وألف نهي وقال العادون: آياتها مائتان وثمانون وسبع آيات، وكلماتها ستة آلاف كلمة ومائة وإحدى وعشرون كلمة، وحروفها خمسة وعشرون ألفًا وخمسمائة حرف، فالله أعلم.
قال ابن جُرَيْج، عن عطاء، عن ابن عباس: نزلت بالمدينة سورة البقرة.
وقال خَصيف: عن مجاهد، عن عبد الله بن الزبير، قال: أنـزل بالمدينة سورة البقرة.
وقال الواقدي: حدثني الضحاك بن عثمان، عن أبي الزِّناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، قال: نـزلت البقرة بالمدينة.
وهكذا قال غير واحد من الأئمة والعلماء، والمفسرين، ولا خلاف فيه. < 1-156 >
وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا محمد بن مَعْمَر، حدثنا الحسن بن علي بن الوليد [الفارسي] حدثنا خلف بن هشام، حدثنا عُبيس
بن ميمون، عن موسى بن أنس بن مالك، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لا تقولوا: سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة
النساء، وكذا القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة،
والتي يذكر فيها آل عمران، وكذا القرآن كله " .
هذا حديث غريب لا يصح رفعه، وعيسى بن ميمون هذا هو أبو سلمة الخواص، وهو ضعيف الرواية، لا يحتج به. وقد ثبت في الصحيحين ، عن ابن مسعود: أنه رمى الجمرة من بطن الوادي، فجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ثم قال : هذا مقام الذي أنـزلت عليه سورة البقرة. أخرجاه(صحيح البخاري,مسلم) .
وروى ابن مَرْدُويه، من حديث شعبة، عن عقيل بن طلحة، عن عتبة بن فرقد قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه تأخرًا ، فقال: " يا أصحاب سورة البقرة "
. وأظن هذا كان يوم حنين، حين ولوا مدبرين أمر العباس فناداهم: " يا أصحاب
الشجرة " ، يعني أهل بيعة الرضوان. وفي رواية: " يا أصحاب البقرة " ؛ ولينشطهم بذلك، فجعلوا يقبلون من كل وجه . وكذلك يوم اليمامة مع أصحاب مسيلمة، جعل الصحابة يفرون لكثافة حَشْر بني حنيفة، فجعل المهاجرون والأنصار يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة، حتى فتح الله عليهم . رضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين.